القائمة الرئيسية

الصفحات

كلفتها لا تتجاوز 3300 مليم:لماذا تباع الطماطم المعلبة بحوالي 5 دنانير؟


 


يحتلّ المواطن التونسي المرتبة الأولى عالميا من حيث استهلاك معجون الطماطم منذ سنة 2014 بمعدل استهلاك سنوي يقدر بنحو 10 كغ للفرد الواحد اي ما يمثل 60 كغ من الطماطم المعدة للتحويل، وهو ما يمثل ضعف ما يستهلكه الفرد الايطالي الذي يحتل المرتبة الثانية عالميا، ويصل معدل الاستهلاك الوطني الاجمالي الى 100 الف طن سنويا، وفق ارقام مجمع صناعات المصبرات الغذائية "جيكا".

   

استهلاك قياسي في بلد لم يصل عدد سكانه بعد الى 12 مليون نسمة، يحيل الى جملة من التساؤلات من ابرزها الكلفة البيئية لاستهلاك الطماطم التي يعتبرها المختصون من اكثر المنتجات الفلاحية استهلاكا للماء، انتاجا وتصنيعا، "كلفة بيئية باهضة" حاولت وكالة تونس افريقيا للانباء ان تسلط الضوء عليها انطلاقا من ولاية نابل التي تحتل المراتب الاولى وطنيا في انتاج الطماطم وتحويلها.

   

ويجزم المتابعون للشأن البيئي في ولاية نابل بان الكلفة البيئية لتحويل الطماطم "كلفة باهضة تخفي الوجه الاخر لموسم تحويل الطماطم الفصلية" الذي يصل حاليا الى ذروته بعد ان انطلقت "الكامبانيا" (الاسم الذي يطلقه الفلاحون على موسم التحويل) منذ نهاية شهر جوان لترتفع وتيرتها يوما بعد يوم ولترافقها اشكاليات بيئية نتيجة تصريف المياه الصناعية في مجاري الاودية والسباخ.

ويتطلب تحويل 1 طن من الطماطم الطازجة ما بين 1 متر مكعب و3 امتار مكعبة من الماء، اي بين ألف و3 الاف لتر من الماء الذي يستعمل في غسل الطماطم وغسل مواقع الانتاج بمياه متأتية من ابار ارتوازية تستخرج من المائدة المائية العميقة.

   

والطاقة التحويلية للطماطم في ولاية نابل تتجاوز 15 الف طن في اليوم، يقابلها منسوب اجمالي للمياه الصناعية المستعملة يقدر ب16500 متر مكعب في اليوم يتم تصريف 1200 متر مكعب منها في شبكة التطهير العمومي، و3600 متر مكعب بسبخة قربة، و11700 متر مكعب بمجاري الاودية (وادي الصيادي من منطقة صاحب الجبل ووادي القرعة بدار علوش والهوارية ووادي الحجر بقليبية ووادي لبنة بمنزل حر ووادي المالح بقرنبالية).

   

ويؤكد مختصون في الشأن البيئي من الادارات الجهوية للبيئة ووكالتي حماية المحيط وحماية الشريط الساحلي ان الاشكالية البيئية التي تنتج عن صرف المياه الصناعية غير المعالجة تكتسي خطورة بالغة بسبب نوعية المياه المستعملة في غسل الطماطم فتصبح غنية بالمخلفات العضوية ومخلفات المبيدات التي علقت على الثمرة بعد ان انجز الفلاح عملية المداواة وتغذية النبتة بمقويات لحماية المنتوج وتطويره.

   

وتشكل تلك المخلفات خليطا معقدا يلقى بمجاري الاودية فيغذي بدوره الاعشاب الطفيلية والطحالب الضارة التي سرعان ما تتكاثر وتنمو لتكتسح الفضاء فتقلص من كمية الاكسجان في مياه الاودية فتخنق بقية الكائنات الحية وتتسبب في ركود المياه وتعفنها لتنبعث منها الروائح الكريهة وتتكاثر فيها انواع وانواع من الحشرات.

   

وتزداد خطورة التهديدات البيئية بالنظر الى امكانية تسرب المياه الملوثة الى المائدة المائية، بما يعمق من "قتامة الصورة" فتصبح الاشكالية "دائمة لا موسمية"، ويصبح التهديد ازمة حقيقية قد تاتي على الاخضر واليابس، وقد نظرت جلسة العمل التي خصصت لمتابعة موسم التحويل في ابرز محاورها على ضرورة بحث حلول دائمة لهذه الاشكاليات البيئية التي تكتنف موسم تحويل الطماطم الفصلية.

   

وأشار المدير الجهوي للبيئة في هذا السياق الى ان وزارة البيئة قد انطلقت في اطار البحث عن حلول لاشكاليات موسم تحويل الطماطم في ولاية نابل في انجاز دراسة فنية شاملة بالتعاون مع الاتحاد الاوروبي بداية من شهر افريل، وتشمل بالخصوص تصريف المياه في سبخة قربة التي تصرف بها مياه 4 وحدات تحويل.

   

وأبرز ان هذه الدراسة ستستغرق 20 شهرا وستسعى بالخصوص الى ارساء قواعد وتراتيب للتقليص من استهلاك المياه في النشاط الصناعي للحد من الافرازات السائلة وبالتالي الحد من التلوث بالاضافة الى ضبط وتحديد منظومة متابعة ومراقبة بيئية لوحدات تحويل الطماطم.

   

وستنجز الدراسة بالتنسيق مع الوحدات الصناعية التي تنشط بالمنطقة خاصة، وقد عبرت 3 وحدات تحويل منذ السنة الفارطة عن رغبتها في تركيز وحدة معالجة مشتركة للمياه الصناعية، وهو ما سيتم ادراجه في هذه الدراسة التي ستكون الية هامة لبحث امكانيات تمويل مشاريع للاقتصاد في الماء والمعالجة المحترمة للبيئة، اما في اطار مشاريع تمويل خارجي او في اطار الاجراءات التي اقرتها الدولة على غرار منحة التنمية المستدامة التي تصل الى 50 بالمائة من كلفة تركيز التجهيزات اللازمة لاحترام الشروط البيئية بسقف يقدر ب300 الف دينار.

تعليقات