عند نطقنا في التشهد السلام عليك أيها النبي ورحمة الله ، فإن النبي صل الله عليه وسلم كان يقول ذلك وقد علمنا إياه ، فهل صلاته وسلامه على نفسه هي نفس صلاتنا وسلامنا عليه ، أم مختلفة لأنه كلف بما لم نكلف به؟.
الحمد لله.
المشروع في التشهد أن يسلم المصلي على نبيه صلى الله عليه وسلم ويقول : " السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته " وهذا جزء من التشهد الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوله ، ويعلمه لأصحابه .
فقد روى البخاري (6265) عن ابْن مَسْعُودٍ قال : عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَفِّي بَيْنَ كَفَّيْهِ التَّشَهُّدَ كَمَا يُعَلِّمُنِي السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ).
وروى مسلم (403) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ : ( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ فَكَانَ يَقُولُ التَّحِيَّاتُ الْمُبَارَكَاتُ الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ).
والصلاة إنما أخذها الصحابة عن نبيهم صلى الله عليه وسلم ، فما فيها من أذكار ، وسلام على النبي صلى الله عليه وسلم ، وصلاة عليه وعلى إبراهيم عليه السلام ، كل ذلك كان يفعله صلى الله عليه وسلم ، وقد يزيد الأمرَ تأكيدا فيأمر به أصحابه ، كما روى البخاري (831) ومسلم (402) عن عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قال : كُنَّا إِذَا صَلَّيْنَا خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْنَا السَّلَامُ عَلَى جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ السَّلَامُ عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ فَالْتَفَتَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلَامُ فَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ فَإِنَّكُمْ إِذَا قُلْتُمُوهَا أَصَابَتْ كُلَّ عَبْدٍ لِلَّهِ صَالِحٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ).
قال زكريا الأنصاري رحمه الله : " والمنقول أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول في تشهده : وأشهد أني رسول الله ؛ ذكره الرافعي في الأذان . قال الزركشي : وهو ممنوع ، بل المنقول أن تشهده كتشهدنا , وكذا رواه مالك في الموطأ ، وهو ما ذكره ابن الرفعة في "الكفاية " انتهى من "أسنى المطالب" (1/ 164).
وقال الملا علي القاري في "مرقاة المفاتيح " (3/ 452) : " والمنقول أن تشهده عليه السلام كتشهدنا ، وأما قول الرافعي : المنقول أنه كان يقول في تشهده وأشهد أني رسول الله ؛ فمردود بأنه لا أصل له " انتهى .
وقال الألباني رحمه الله : " كان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي على نفسه في التشهد الأول وغيره.
وسَنَّ ذلك لأمته؛ حيث أمرهم بالصلاة عليه بعد السلام عليه " انتهى من "أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم (3/ 904).
وينظر في صيغ التشهد الواردة عن الصحابة : صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ، للألباني رحمه الله ، وهذه الصيغ فيها اختلافات يسيرة ، كما سبق في حديث ابن عباس " وأشهد أن محمدا رسول الله ". والمروي عن أكثر الصحابة : " وأشهد أن محمدا عبده ورسوله".
قال الملا علي القاري رحمه الله : " ( أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ) انفرد ابن عباس بهذا اللفظ ؛ إذ في سائر التشهدات الواردة عن عمر وابن مسعود وجابر وأبي موسى وعبد الله بن الزبير كلها بلفظ : ( وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ) " انتهى من "مرقاة المفاتيح" (3/ 452).
والله أعلم .
تعليقات
إرسال تعليق